الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية علي البلهوان أحد ابطال 8-9 افريل 1938.. بقلم المؤرخ عميرة علية الصغير

نشر في  09 أفريل 2020  (11:50)

بقلم المؤرخ عميرة علية الصغير

اليوم 9 أفريل عيد الشهداء
هاهو علالة بلهوان
أحد ابطال 8-9 افريل 1938

علي البلهوان (شهر علاّلة البلهوان) ابن عبد العزير البلهوان ولد بتونس العاصمة في 13 افريل 1909 بقلب المدينة العتيقة (نهج سيدي بن عروس) وكأطفال عصره درس بالكتاب ثم بالمدرسة الإبتدائية بطحاء خير الدين ليدخل بعدها للمدرسة الصادقيّة اثر نجاحه في مناظرة الدخول اليها وتحصل منها على شهادة ختم الدروس الثانوية وانتقل للدراسة بمعهد كارنو وأحرز منه على الجزء الأول من الباكلوريا في1931 وحصل على جزئها الثاني من باريس (1931) ليدخل طالبا بكلية الآداب بجامعة السربون و يدرس اللغة والآدب العربية ليتوّج تعليمه العالي سنة 1935 بحصوله على الإجازة في الآداب و اللغة العربية.
و توازيا مع دراسته الجامعية بفرنسا كان علالة البلهوان ينشط مع رفاقه من التونسيين والمغاربة في الأطر النضالية التي بعثوها في فرنسا حيث نجدها مناضلا وقياديا في « جمعية طلبة شمال افريقيا المسلمين بفرنسا AEMNA)) حيث كان عضو هيأتها المديرة ونائب رئيسها وحضر كل مؤتمراتها كما نشط في جمعية نجم شمال افريقيا وضمن "لجنة الدفاع عن الحريات بتونس" التي بعثها مع رفاقه من الطلبة التونسيين (سليمان بن سليمان، الهادي نويرة وصلاح الدين بوشوشة...) بباريس في 1934 اثر القمع الذي استهدف القياديين الدستوريين وإبعادهم للنفي بالجنوب التونسي.
وبعودته لتونس في جويلية 1935 سوف يُعيّن في مدخل السنة الدراسية 1935-1936 استاذا بالمعهد الصادقي حيث عمل على بث الروح الوطنية بين تلامذته والإعتزاز بانتمائهم للحضارة العربية الإسلامية وتعدى اشعاعه الى تلامذة العلوية و طلبة الزيتونة لنشاطه التوعي حتى لقّب بزعيم الشباب. وكان علي البلهوان كمناضل في الحزب الحر الدستوري الجديد قد اصطفّ الى جانب الشق الرادكالي فيه في مؤتمره الثاني المنعقد بين 30 اكتوبر و2 نوفمبر 1937 بنهج التريبنال بالعاصمة مؤيدا مطلب الاستقلال واعتماد التصادم مع الاستعمار واعلان العصيان المدني بالامتناع عن الخدمة العسكرية ودفع الضرائب وعدم الرضوخ للتراخيص لتنظيم الاجتماعات وعدم استعمال الرايات والشارات الوطنية.

وقد عمل البلهوان على تجنيد الشباب واقحامه في الكفاح الوطني والقى محاضرة في هذا الاتجاه بعنوان "نصيب الشبيبة في الكفاح" مما أثار حفيظة السلط الإستعمارية فقرر الكاتب العام للحكومة الفرنسي كارترون فصله عن التدريس فكان رد تلاميذ الصادقية و طلبة الزيتونة الإضراب عن الدروس تضامنا معه.
وفي الأثناء قررت قيادة الحزب الحر الدستوري تنظيم مظاهرات للضغط عن الحكومة وفرض المطالب وخاصة اطلاق القياديين الموقوفين وكانوا اكثر من عشرين قبل احداث افريل (منهم الحبيب بوقطفة وصالح بن يوسف وسليمان بن سليمان ويوسف الرويسي و الهادي نويرة).

وكانت المظاهرات في كامل البلاد يوم 8 أفريل 1938 رافعة شعار برلمان تونسي و حكومة مسؤولة امامه و اطلاق سراح المعتقلين وفي العاصمة كان قادها المنجي سليم انطلاقا من معقل الزعيم (رحبة الغنم سابقا) والأخرى انطلقت من بطحاء الحلفاوين يتزعمها علي البلهوان وشارك فيها الآلاف (بين 7 و10 آلاف) ليلتقيا امام الإقامة العامة (سفارة فرنسا حاليا) ورغم القوة التي حشدتها فرنسا لم ترهب المتظاهرين الذي القى فيهم علي البلهوان خطابا ثوريا مما قال فيه "يا أيها الذين آمنوا بالقضية التونسية، أيها الذين آمنوا بالبرلمان التونسي، إنّ البرلمان لا يُبنى الا على جماجم العباد ولا يُقام الا على سواعد الشباب. ثابروا، جاهدوا في الله حقّ جهاده. اذا اعترضتكم الشرطة فشرّدوهم في الفيافي والصحاري وافعلوا بهم ما شئتم، فانتم الوطنيون في بلادكم وهم الدخلاء عليكم، قولوا: حكومة سياستها خرقاء يجب أن تُحطّم وأن تداس، وها نحن حطّمناها ومزّقناها، رغما عنها والحكومة منعت التظاهر وها هي الشوارع تعجّ بالجماهير البشريّة تملأ الجو هتافا و حماسا".

وكان في تخطيط قيادة الحزب أن تستأنف المظاهرات يوم 10 افريل اذا لم يطلق سراح المعتقلين لكن في منطق تصلّبي للمقيم العام سوف تستدعي علي البلهوان للتحقيق معه بالمحكمة بنهج باب بنات، وكان انتشار خبر ايقافه اشارة لتجمهر تلامذة العاصمة وطلبة الزيتونة امام المحكمة وعامة الناس (حولي 1500) وشرارة الاصطدامات بين المتظاهرين وقوات البوليس والجيش الاستعماري وتحول ذاك اليوم الى انتفاضة شعبية واسعة ضد الاستعمار زادها تدهور الوضع الاجتماعي من فقر وغلاء الأسعار وبطالة وجوع الا نقمة على المستعمر وكانت حصيلة يوم 9 افريل سقوط اكثر من 22 شهيدا.

وسيعرف علي البلهوان نفس مصير رفاقه في قيادة الحزب الحر الدستوري الجديد الذين تم ايقافهم قبل 9 افريل وبعده حيث وقع اعتقالهم بالسجن العسكري بتونس ثم بسجن تبرسق بتهم التمرد وبث البغضاء بين الأجناس وليحولون باندلاع الحرب سجناء في حصن سان نيكولا بمرسيليا حتى يطلق سراحهم الألمان ويعودون ومعهم البلهوان في أفريل 1943.

وبعودته من المنفى استأنف علي بلهوان نضاله لإعادة بناء الحزب الدستوري بعد قمع افريل 1938 و قد كان انتخبه مؤتمر دار سليم في اكتوبر 1948 عضوا في الديوان السياسي و كاتبا عاما مساعدا مكلفا بجريدة الحزب "الحرية" والتي اصبحت "لواء الحرية" بعد تعطيلها.

وكان كثيف النشاط الثقافي والتوعوي بإلقاء المحاضرات خاصة في رحاب الجمعيات كجمعية قدماء الصادقية وجمعية الشبان المسلمين و الخلدونية و نشرت له جريدة الحرية كتابا يدافع فيه عن وجود الأمة التونسية عنونه "نحن امة" وهو من القلائل في حزبه من ألف كتبا تنظيريّة.

كُلف بين سنتي 1951 و1955 بمهمة التعريف بالقضية التونسية لدى الجامعة العربية والدول العضوة و كان كذلك مع المقاوم عبد الكريم الخطابي والوطنيين المغاربة و الجزائريين من مكوّني "لجنة تحرير المغرب العربي "بالقاهرة حيث الف و نشر كتاب "تونس الثائرة".

وعند الخلاف حول اتفاقيات الاستقلال الداخلي كان البلهوان في صف الحبيب بورقيبة والديوان السياسي و انتخبه مؤتمر صفاقس للحزب (نوفمبر 1955) عضوا في ديوانه السياسي وفي انتخابات مارس 1956 انتخب نائبا في المجلس القومي التأسيسي واختير امينا عاما للمجلس ومقررا لمشروع الدستور وقد تم تعيينه سنة 1957 رئيسا لمجلس بلدية مدينة تونس لكن سارعته المنية وتوفي في 9 ماي 1958.